توفيت زوجة أبي الأولى وتركت خلفها ابنة واحدة
في أواخر حياة والدي، الذي كان قد قارب التسعين عامًا، أصيب بمرض الزهايمر وضمور الجسم وصعوبة في الحركة. أختي كانت تتكفل به بالكامل، حيث كانت تقوم بغسله وتلبيسه ومرافقته إلى دورة المياه والاهتمام بجميع شؤونه.
من المواقف المؤثرة التي واجهها والدي في أواخر عمره هو إصابته بمرض احتباس البول. الألم الشديد الذي كان يعاني منه لم يمنع أختنا الكبرى من التفاني في رعايته والعناية به في هذه المرحلة الصعبة من حياته.
تجلس أختنا بجانب والدنا الذي كان صغير الحجم رحمه الله، وتضعه على فخذها مثل الطفل الصغير. ثم تقوم بالضغط على أسفل بطنه مع الدعاء والتسبيح وقراءة المعوذات حتى يتمكن من التخلص من مشكلة احتباس البول. في كثير من الأحيان، كان ذلك يحدث على ثياب أختي، لذا كانت تقوم بغسل والدنا وتغيير ثيابه بكل صبر وحب. كان هذا المشهد يتكرر عدة مرات خلال اليوم الواحد.
لقد بلغت أنا من العمر خمسين عامًا، وتجاوزت أختي السبعين عامًا لتصبح امرأة مسنة. الحمد لله، تحسنت ظروفنا المادية بشكل كبير، فاقتنينا لأختنا منزلًا واسعًا ووفرنا لها خادمة. ومن بركات رضا الله عليها، رأيت واحدًا من أبنائها وأحد إخوتي يحملانها على أكتافهما ويطوفان بها حول الكعبة ويسعون بها خلال أداء المناسك.
منذ سنوات لم تضطر أختنا للانحناء لغسل قدميها عند الوضوء، فنحن وأبناؤها نقوم بهذه المهمة عوضًا عنها ونتنافس على تأديتها. أحببت أن أشارككم هذه القصة كتجربة حياتية نعيشها ولا نزال. من خلالها تعلمنا أن بر الوالدين هو دين وعبادة يكسب الإنسان بها أجرًا في الدنيا والآخرة.